فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وعن الكلبي أنها نزلت بعد يوم أحد حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله تعالى عنهم بطلب القوم وقد أصابهم من الجراح ما أصابهم وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يخرج إلا من شهد معنا بالأمس فاشتد ذلك على المسلمين فأنزل الله هذه الآية»، وأيًا ما كان فهي معطوفة على قوله تعالى: {فَسِيرُواْ في الأرض} [آل عمران: 137] بحسب اللفظ ومرتبطة به بحسب المعنى إن قلنا أنه عود إلى التفصيل، وبما تقدم من قصة أحد إن لم نقل ذلك وبه قال جمع، وجعلوا توسيط حديث الربا استطرادًا أو إشارة إلى نوع آخر من عداوة الدين ومحاربة المسلمين، وبه يظهر الربط وقد مر توجيهه بغير ذلك أيضا.
ومن الناس من جعل ارتباط هذه الآية لفظًا بمحذوف أي كونوا مجدين ولا تهنوا، ومضى على الخلاف وهو تكلف مستغنى عنه، والوهن الضعف أي لا تضعفوا عن قتال أعدائكم والجهاد في سبيل الله تعالى بما نالكم من الجراح ولا تحزنوا على ما أصبتم به من قتل الأعزة وقد قتل في تلك الغزوة خمسة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن جحش ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان بن شماس، وسعد مولى عتبة رضي الله تعالى عنهم، وسبعون من الأنصار، وقيل: لا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة ولا يخفى بعده والظاهر أن حقيقة النهي غير مرادة هنا بل المراد التسلية والتشجيع وإن أريدت الحقيقة فلعل ذلك بالنسبة إلى ما يترتب على الوهن والحزن من الآثار الاختيارية أي لا تفعلوا ما يترتب على ذلك. اهـ.

.قال الفخر:

قوله: {وَلاَ تَهِنُواْ} أي لا تضعفوا عن الجهاد، والوهن الضعف قال تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام: {إِنّى وَهَنَ العظم مِنّى} [مريم: 4] وقوله: {وَلاَ تَحْزَنُواْ} أي على من قتل منكم أو جرح.
وقوله: {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ} فيه وجوه:
الأول: أن حالكم أعلى من حالهم في القتل لأنكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أحد، وهو كقوله تعالى: {أَوَ لَمَّا أصابتكم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أنى هذا} [آل عمران: 165] أو لأن قتالكم لله وقتالهم للشيطان، أو لأن قتالهم للدين الباطل وقتالكم للدين الحق، وكل ذلك يوجب كونكم أعلى حالا منهم.
الثاني: أن يكون المراد وأنتم الأعلون بالحجة والتمسك بالدين والعاقبة الحميدة.
الثالث: أن يكون المعنى وأنتم الأعلون من حيث إنكم في العاقبة تظفرون بهم وتستولون عليهم وهذا شديد المناسبة لما قبله، لأن القوم انكسرت قلوبهم بسبب ذلك الوهن فهم كانوا محتاجين الى ما يفيدهم قوة في القلب، وفرحا في النفس، فبشرهم الله تعالى بذلك، فأما قوله: {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ففيه وجوه:
الأول: وأنتم الأعلون إن بقيتم على إيمانكم، والمقصود بيان أن الله تعالى إنما تكفل باعلاء درجتهم لأجل تمسكهم بدين الإسلام.
الثاني: وأنتم الأعلون فكونوا مصدقين لهذه البشارة إن كنتم مصدقين بما يعدكم الله ويبشركم به من الغلبة.
والثالث: التقدير: ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، فإن الله تعالى وعد بنصرة هذا الدين، فإن كنتم من المؤمنين علمتم أن هذه الواقعة لا تبقى بحالها، وأن الدولة تصير للمسلمين والاستيلاء على العدو يحصل لهم. اهـ.

.قال الثعالبي:

وقوله سبحانه: {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}: المقصدُ هزُّ النفوسِ، وإقامتها، ويترتَّب من ذلك الطَّعْنُ على من نجم في ذلك اليَوْم نِفَاقُهُ أو اضطرب يقينه، أي: لا يتحصَّل الوعد إلاَّ بالإيمان، فالزموه. اهـ.

.قال القرطبي:

عزّاهم وسَلاّهم بما نالهم يوم أحد من القتل والجراح، وحثّهم على قتال عدوّهم ونهاهم عن العجز والفشل فقال: {وَلاَ تَهِنُوا} أي لا تضعفوا ولا تجبنُوا يا أصحاب محمد عن جهاد أعدائكم لما أصابكم.
{وَلاَ تَحْزَنُوا} على ظهورهم، ولا على ما أصابكم من الهزيمة والمصيبة.
{وأَنْتُم الاّعْلَوْنَ} أي لكم تكون العاقبة بالنصر والظفر {إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أي بصدق وَعْدِي.
وقيل: إن بمعنى إذ.
قال ابن عباس: انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد فبينا هم كذلك إذ أقبل خالد بن الوليد بخيل من المشركين، يريد أن يعلُوا عليهم الجبل؛ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا يعلُنّ علينا اللهم لا قوة لنا إلا بك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر» فأنزل الله هذه الآيات.
وثاب نفر من المسلمين رماة فصعِدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم؛ فذلك قوله تعالى: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} يعني الغالبين على الأعداء بعد أُحد.
فلم يُخرِجوا بعد ذلك عسكرًا إلاّ ظفِروا في كل عسكر كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كل عسكر كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيه واحدٌ من الصحابة كان الظفر لهم، وهذه البلدان كلها إنما افتتِحت على عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ثم بعد انقراضهم ما افتتِحت بلدة على الوجه كما كانوا يفتتحون في ذلك الوقت.
وفي هذه الآية بيان فضلِ هذه الأُمة؛ لأنه خاطبهم بما خاطب به أنبياءه؛ لأنه قال لموسى: {إِنَّكَ أَنتَ الأعلى} [طاه: 68] وقال لهذه الأُمة: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ}.
وهذه اللفظة مشتقة من اسمه الأعلى فهو سبحانه العلي، وقال للمؤمنين: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ}. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {ولا تهنوا}.
الأصل: تُوْهِنوا، فحُذِفت الواو؛ لوقوعها بين تاء وكسرة في الأصل، ثم أجْريت حروف المضارعة مُجْراها في ذلك، ويقال: وَهَنَ- بالفتح في الماضي- يَهِنُ- بالكسر في المضارع.
ونُقِلَ أنه يُقال: وَهُن، ووَهِنَ- بضم الهاء وكسر في الماضي- و«وَهَنَ» يُستعمل لازمًا ومتعديًا، تقول: وَهَنَ زيدٌ، أي: ضَعُفَ، قال تعالى: {وَهَنَ العظم مِنِّي} [مريم: 4]، ووَهَنْتُه وأضعفته، ومنه الحديث: «وَهَنْتُهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ»، والمصدر على الوهَن- بفتح الهاء وسكونها.
وقال زهير: [البسيط]
................... ** فَأصْبَحَ الْحَبْلُ مِنْهَا وَاهِنًا خَلَقَا

أي: ضعيفًا.
قوله: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} جملة حالية من فاعل {تَهِنُوا}، أو {تَحْزَنُوا}، والاستئناف فيها غير ظاهر، و{الأَعْلَوْنَ} جمع أعْلَى، والأصل: أعْلَيَوْنَ، فتحرَّكت الياء، وانفتح ما قبلها، فقُلبَت ألفًا فحُذِفت لالتقاء الساكنين، وبقيَت الفتحةُ لتدلَّ عليها.
وإن شئت قُلْتَ: استثقلت الضمةُ على الياء، فحُذِفت، فالتقى ساكنان أيضا- الياء والواو- فحُذِفتَ الياء؛ لالتقاء الساكنين، وإنَّما احتجنا إلى ذلك؛ لأن واو الجمع لا يكون ما قبلها إلا مضمومًا، لفظًا، أو تقديرًا. وهذا من مثال التقدير. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري:

قوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}.
يعني إذا قلتم بالله (ووصلتم) بالله فلا ينبغي أن تخافوا من غير الله، ولا تَهِنوا ولا تضعفوا فإن النصرة من عند الله، والغالب الله، وما سوى الله فليس منهم ذرة ولا منهم سينة.
قوله: {إن كُنتُم مُّؤمِنِينَ} أي ينبغي للمؤمن ألا تظله مهابةٌ من غير الله. اهـ.

.فصل في ذكر قصة غزوة أحد:

قال السمرقندي عليه الرحمة:
وكانت القصة في ذلك أنهم لما غَلَبُوا المشركين يوم بدر، وأصابوا منهم ما أصابوا وسنذكر قصة بدر في سورة الأنفال إن شاء الله تعالى فرجع أبو سفيان بن حرب إلى مكة بالعير، وانهزم المشركون، وذهب عكرمة بن أبي جهل، ورجال أُصِيب أبناؤهم وآباؤهم وإخوانهم ببدر إلى أبي سفيان بن حرب وهو رئيس مكة فكلموه، وأتاه كل من كان له في ذلك العير مال، فقالوا: إن محمدًا قد قتل خياركم، فاستعينوا بهذه الأموال على حربه ففعلوا.
قال الضحاك: فأعانهم أبو سفيان بمائة راحلة وما يصلحها من الزاد والسلاح، فسارت قريش وهم ثلاثة آلاف رجل، وعليهم أبو سفيان بن حرب، وكان في القوم خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وذلك قبل دخولهم في الإسلام، فلم يبقَ أحد من قريش إلا وخرج أهله معه وولده يجعلهم خلف ظهره ليقاتل عنهم.
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس، وقال في خطبته: «إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ فِي سَيْفِي ثلمَةُ فَأَوَّلْتُهَا مصِيبَةً فِي نَفْسِي، وَرَأَيْتُ بُقُورًا قَدْ ذُبِحَتْ، فَأَوَّلْتُهَا قَتْلَى فِي أَصْحَابِي، وَرَأَيْتُ كَأَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا المَدِينَةَ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ» وكره الخروج إليهم، فكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لا يخرج إليهم، ولكنه كان منافقًا فقال: يا رسول الله لا تخرج إليهم فأنا ما خرجنا إلى عدوّ قط إلا أصاب منا، ولا دخل علينا إلا أصبنا منه.
فقال رجال من المسلمين ممن أكرمهم الله بالشهادة وغيرهم ممن فاتته بدر: اخرج لهم يا رسول الله، لكي لا يرى أعداء الله أنا قد جَبُنَّا عنهم وضعفنا عن قتالهم.
فلم يزالوا به حتى دخل ولبس لأمته، ثم خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم إليهم وقد خرج الناس فقالوا: استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: يا رسول الله: قد استكرهناك وما كان لنا ذلك، فإن شئت فاخرج، وإن شئت فاقعد.
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَا يَنْبَغِي لِلنَّبِيِّ أَنْ يَضَعَ سِلاَحَهُ إِذَا لَبِسَهُ حَتَّى يُقَاتِلَ» فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار إلى أُحدٍ، فانخذل عبد الله بن أبي ابن سلول.
قال في رواية الكلبي: فرجع معه ثلاثمائة من الناس، وبقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو سبعمائة رجل.
وقال في رواية الضحاك: فانخذل في ستمائة رجل من اليهود، وبقي مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ألف رجل من المؤمنين الطيبين.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالشِّعب من أحد، وأمر عبد الله بن جبير على الرُّمَاة وقال لهم: «لاَ تَبْرَحُوا مِنْ هَذَا المَوْضِعِ، وَاثْبُتُوا هاهنا إِنْ كَانَ الأمر عَلَيْنَا أَوْ لَنَا» وقال في رواية الكلبي: كان الرماةُ خمسين رجلًا.
وقَال في رواية الضحاك: كانوا سبعين رجلًا.
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره إلى أُحد، ودنا المشركون وأخذوا في الحرب، فقامت هند امرأة أبي سفيان وصواحبتها حين حميت الحرب، يضربن بالدُّفوف خلف قريش ويقلن:
نَحْنُ بَنَاتُ طَارِق ** نَمْشِي على النَّمَارق

إِن تُقْبِلُوا نُعَانِق ** أَو تُدْبِرُوا نفارق

فِرَاقَ غَيْرَ وَامِق

فقاتل أبو دجانة في نفر من المسلمين قتالًا شديدًا، وقاتل علي بن أبي طالب حتى انكسر سيفه، وقاتل سعد بن أبي وقاص، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول لسعد: «ارْمِ فَداكَ أَبِي وَأُمِّي» فقتلوا جماعة من المشركين، وَصَدَقَهم الله وعده وأنزل نصره، حتى كانت هزيمة القوم لا شكّ.
فكشفوهم عن عسكرهم قال الزبير: رأيت هندًا وصواحبتها هوارب، فلما نظر الرماة إلى القوم وانهزموا، أقبلوا على النهب فقال لهم عبد الله بن جُبَيْر: لا تَبْرحوا عن هذا الموضع، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عَهِدَ إليكم.
فلم يلتفتوا إلى قوله، وظنوا أن المشركين قد انهزموا؛ فبقي عبد الله بن جبير مع ثمانية نفر، فخرج خالد بن الوليد مع خمسين ومائتي فارس من قِبَل الشِّعب، فقتلوا من بقي من الرماة، ودخلوا خلف أقفية المسلمين، وتفرق المسلمون ورجع المشركون، وحملوا حملةً واحدة، فصار المسلمون ثلاثة أنواع: بعضهم جريح، وبعضهم قتيل، وبعضهم منهزم.
وكان مصعب بن عمير يَذُبُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قُتِلَ دونه، ثم قاد زياد بن السكن فقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قُتِلَ، وخلص الحرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقذف بالحجارة حتى وقع بشفتيه، وأصيبت رباعيَتُه، وكُلِمَتْ شفته، وأدمي ساقه.
فقال سفيان بن عيينة: لقد أصيب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثلاثين رجلًا، كلهم جثوا بين يديه.
أو قال: كلهم يتقدم بين يديه.
ثم يقول: وجهي لوجهك الوفاء، ونفسي لنفسك الفداء، وعليك سلام الله غير مودع.
فرجع الذي قتل مصعب بن عمير، فظن أنه قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال للمشركين: قتلت محمدًا.
فصرخ صارخ: ألا إن محمدًا قد قُتل.
ويقال: كان ذلك إبليس لعنه الله، فولى المسلمون هاربين متحيّرين، وجاء إبليس لعنه الله ونادى بأعلى صوته في المدينة: ألا إن محمدًا قد قتل وأَخَذَت النسوة في البكاء في البيوت، فأقبل أَنَس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله في رِجَالٍ من المهاجرين والأنصار، فقال: ما يُجْلسكم؟ قالوا: قتل محمد.
فقال: ما تصنعون بالحياة بعده؟ موتوا كرامًا على ما مات عليه نبيُّكم.
ثم أقبل نحو العدو، فقاتل حتى قتل.
قال كعب بن مالك: فأوّل من كنت عرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين، عرفت عينيه من تحت المغفر تزهران، فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأشار إليَّ أَن اسكت.
وقال أنس بن مالك: قد شجّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل الدم يسيل على وجهه وهو يمسح الدم ويقول: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَّبُوا وَجْهَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِالدَّمِ» وهو يدعوهم إلى ربهم.
ويقال: إن أصحابه لما اجتمعوا قالوا: يا رسول الله، لو دعوت الله على هؤلاء الذين صنعوا بك؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ أُبْعَثْ طَعَّانًا وَلاَ لَعَّانًا، وَلَكِن بُعِثْتُ دَاعِيًا وَرَحْمَةً اللهمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».